في ذكرى إعلان الدولة الفلسطينية
محسن أبو رمضان – 15 نوفمبر 2024

يصادف الخامس عشر من نوفمبر من كل عام ذكرى إعلان دولة فلسطين. تم الإعلان من خلال دورة المجلس الوطني التي عقدت في الجزائر عام 1988.

جاء الإعلان نتاجًا للانتفاضة الشعبية الكبرى التي كان لها هدف سياسي تحرري واضح، تجلى في شعار "الحرية والاستقلال".

قامت دولة الاحتلال بعد ذلك بتقويض فرص إقامة الدولة من خلال سياسة الحواجز، والفصل، والمعازل، والبانتوستانات، وبناء المستوطنات، وجدار الفصل العنصري، وتهويد القدس.

عمّق الانقسام السياسي والجغرافي من صعوبة تحقيق الدولة، واستغلته دولة الاحتلال باتجاه محاولة تحويل الانقسام إلى انفصال شامل بين الضفة والقطاع.

وكان الرد الأبلغ على ممارسات الاحتلال الاستعمارية هو اعتراف حوالي 143 دولة بدولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة عام 2012 بموجب القرار 67/19.

كما شكّل القرار الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية ردًا نوعيًا آخر على ممارسات الاحتلال.

عملت حكومة الاحتلال الفاشية على استثمار عدوان الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وكثّفت الاستيطان، ووسّعت عمليات التوغل العسكري في الضفة بهدف تقويض بل وإلغاء فرص إقامة الدولة الفلسطينية.

اعتمد "كنيست" الاحتلال قوانين تعتبر إقامة الدولة الفلسطينية تهديدًا وجوديًا، إلى جانب قانون يصنف "الأونروا" كمنظمة إرهابية في محاولة لتصفية قضية اللاجئين.

بدأت حكومة الاحتلال التحضير لضم الضفة الغربية وتقسيمها إلى معازل وبانتوستانات، استعدادًا لاستقبال ترامب بعد فوزه بالانتخابات الأمريكية الأخيرة.

تُظهر تعيينات ترامب في إدارته مدى دعمه للاحتلال ومعاداته للشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة والمشروعة.

وفي الوقت الذي تستبق فيه حكومة الاحتلال قدوم ترامب وتعد الخطط لضم الضفة، ما تزال الساحة الفلسطينية تعاني من الانقسام وغياب خطة واضحة لمواجهة التحديات المصيرية والوجودية.

إن مواجهة هذه التحديات تتطلب عقد اجتماع فوري للمجلس المركزي بمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتجديد الإعلان عن قيام دولة فلسطين كدولة تحت الاحتلال، استنادًا إلى قرار 67/19 والقرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكد وحدة الأراضي الفلسطينية (الضفة، غزة، القدس) سياسيًا وجغرافيًا وقانونيًا.

ويجب أن يتضمن ذلك تنفيذ قرارات المجلس المركزي المتخذة منذ عام 2015، ردًا على القوانين والإجراءات والتصريحات الإسرائيلية ذات الطابع الإلغائي والإحلالي والتصفوي.

كما يجب تفعيل الدور الفلسطيني عربيًا، وتعزيز التوجه الذي تقوده الرياض بربط التطبيع بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، لقطع الطريق على "دويلة صفقة القرن" التي تحاول خداع الشعب الفلسطيني بكيان هش ومنزوع السيادة ومسلوب الحق في تقرير المصير.

من المهم استمرار التحرك الفلسطيني في المحافل القانونية والدولية، بما في ذلك المطالبة بتجميد عضوية الاحتلال في الأمم المتحدة، وإعادة اعتماد قرار مساواة الصهيونية بالعنصرية في الجمعية العامة، إلى جانب تفعيل حركة التضامن الشعبي الدولي، وتعزيز الدعوات لفرض المقاطعة والعقوبات على الاحتلال بوصفه دولة مارقة تنتهك القانون الدولي وتمارس الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

إن استمرار الصمت على واحدة من أخطر مراحل تصفية القضية الفلسطينية أمر غير منطقي، ويتطلب تحركًا فوريًا ليس فقط لإفشال المخططات الإسرائيلية والأمريكية، بل أيضًا لإعادة استنهاض الحالة الوطنية من خلال إحياء إعلان الاستقلال